بقلم: إسماعيل النويشى
بعد أن أصبحت لدينا منظومة متكاملة لقطاع مرافق مياه الشرب والصرف الصحى، وقانون جديد أقره السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أيام ينظم العمل واللوائح داخل هذه المنظومة التى تمتلك استثمارات تريليونية، وأهمية إستراتيجية، هل حان الوقت الآن لأن تكون هناك وزارة مستقلة لإدارة مرافق مياه الشرب والصرف الصحى بعيدًا عن تبعية هذه الجهات لوزارة الإسكان.
وفى ظل التحديات المتزايدة التي تواجه مرافق مياه الشرب والصرف الصحي في مصر، من تزايد معدلات الاستهلاك ونقص الموارد، إلى ضغوط التغيرات المناخية وتكاليف التشغيل والصيانة، يبرز تساؤل مهم: هل ما زال من الملائم أن يظل هذا القطاع الحيوي تابعًا لوزارة الإسكان؟ أم أن الوقت قد حان لفصله في وزارة مستقلة تمنحه التركيز والموارد الكافية، لتحقيق كفاءة الإدارة واستدامة الخدمات؟ إن فصل مرافق المياه عن وزارة الإسكان لا يُعد خطوة بيروقراطية فحسب، بل يمثل إعادة صياغة لرؤية الدولة في التعامل مع واحد من أخطر وأهم القطاعات المرتبطة مباشرة بحياة المواطنين وجودة حياتهم.
على الدولة إذا أرادت النجاة والخروج من عنق الزجاجة لهذا المرفق الحيوى والذى يمس ويهم كل فرد داخل مصر، أن تطلق مشروعًا ضخمًا لإعادة هيكلة مرافق مياه الشرب والصرف الصحى فى وزارة مستقلة عن وزارة الإسكان تتوحد فيها المرجعية وتقل فيها البيروقراطية، بعيدًا عن تضارب الاختصاصات, وتأخر القرارات والتشتت الحاصل حاليًا.
لم تكن هناك ضرورة ملحة قبل 2014 لفصل قطاع المرافق عن وزارة الإسكان, لكن حاليًا فى ظل الاستثمارات الكبيرة والمليارية بكل محافظة، ومع دخول قطاع تحلية المياه بشكل كبير لسد العجز والفجوة فى كميات مياه النيل وزيادة الحاجة للموارد المائية لمواجهة التوسعات الزراعية، كل ذلك يستدعى حاليًا وجود وزارة مستقلة تساعد فى وضع الخطط القومية والمؤسسية وتوجيه التمويل الداخلي والخارجى لمشروعات المياه والصرف بشكل أكثر كفاءة، مثلما يحدث فى قطاع الكهرباء والطاقة.
كذلك من الأمور الملحة حاليًا لاستقلالية قطاع مرافق مياه الشرب والصرف الصحى هو التوسع فى مشروعات مبادرة “حياة كريمة” فى أغلب قرى وعزب المحافظات، وهذا يحتاج لدولاب عمل قوى من خلال وزارة مستقلة لإدارة حجم الاستثمارات الضخمة التى تضمها مشروعات هذه المبادرة.
ولعل تشتت وتعدد جهات قطاع مرافق مياه الشرب والصرف الصحى حاليًا ما بين شركات مياه الشرب والصرف الصحى بمختلف المحافظات والجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحى والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى وأجهزتها بالمحافظات وكذلك إدارات مرافق مياه الشرب والصرف الصحى بمختلف المدن الجديدة وانتهاءً بالجهاز التنظيمى لمياه الشرب والصرف الصحى، وغياب التنسيق والتخطيط الكافى بين مختلف هذه الجهات، كل ذلك يستدعى وجود وزارة مستقلة تتوحد فيها جهود وقدرات جميع هذه الجهات التابعة لتخرج بنتائج وأهداف واحدة يتم تنفيذها ومتابعتها بشكل منظم وسريع وأكثر كفاءة.
توحيد واستقلالية جميع جهات مرافق مياه الشرب والصرف الصحى فى وزارة واحدة وإعادة هيكلة جميع العاملين بهذه القطاعات يمنح العاملين قدرًا كبيرًا من حالة الرضا الوظيفى والاجتماعى بدلا من حالة الغضب والاستياء السائدة حاليًا بينهم، نتيجة تدنى دخولهم وأوضاعهم المعيشية والصحية وحالة الدونية التي ينظرون بها لجميع أقرانهم بالقطاعات الأخرى فى الكهرباء والبترول وغيرها.