من “غمرة إلي عين شمس”..حكاية أول مجمع للصرف الصحي بالقاهرة

مع بداية القرن العشرين، شهدت القاهرة إنشاء أحد أكبر مشروعات الصرف الصحي وهو ” المجمع الرئيسي الممتد من غمرة حتى عين شمس” .

هذا المجمع كما جاء بكتاب “الصرف الصحي بالقاهرة ..مائة عام وأكثر” بلغ طوله 16 كم وقطر داخلي 160 سم، استوعب كميات ضخمة من مياه الصرف، وكان يخدم ما يزيد عن نصف مليون نسمة آنذاك.

و يعكس هذا المشروع حجم التحديات التي واجهتها القاهرة في الحفاظ على بنيتها التحتية، وكيف كانت الحلول الهندسية تتطور مع الزمن لمواجهة المخاطر.

محطات الرفع في القاهرة.. أبطال خفية أنقذت العاصمة من الغرق**

بعد إنشاء المجمع الرئيسي للصرف من غمرة لعين شمس، ظهرت حاجة ملحة لمحطات رفع تساعد في تحريك المياه من المناطق المنخفضة إلى محطات المعالجة. وهذة كانت بداية مرحلة جديدة في تاريخ البنية التحتية للعاصمة:

وكانت محطة الملكة نازلي والتي تم إنشائها عام 1919 (بجوار سجن الأجانب – شارع عماد الدين) بعد سقوط أمطار غزيرة غمرت شوارع القاهرة هي المسؤولة عن رفع مياه الأمطار من وسط البلد إلى المجمع الأول.

وبمرور السنين، سجلت المحطة أرقام ضخمة في كميات المياه اللي رفعتها، وصلت في سنة 1919 لوحدها إلى 43 ملم من الأمطار والتى أغرقت الأدوار الأرضية.

محطة مجاري كلية الطب (الروضة):

تضمنت  طلمبتين ضخمتين (واحدة كهرباء والتانية بخارية).

وكانت  تصرف مياه المجاري من مناطق القصر العيني ووسط البلد، بعد أن تمر على ماسورة بكوبري محمد علي!

ويصل عمرها حاليا أكتر من 130 سنة، ومازالت تعمل بكفاءة بعد إجراء عدة  ترميمات وصيانات لها

محطة كفر فاروق (عين شمس):

تعتبر واحدة من أهم محطات الرفع، ترفع المياه من المجمع الأول لمحطة المعالجة وبدأت بـ3 طلمبات بخارية بقوة 240 حصان، واستمرت في التطوير لعقود طويلة ووصلت قدرتها  60 ألف م³/يوم، ومرت بمراحل تحديث شملت تغيير عنابر الطلمبات وتوسيع خطوط الطرد.

       خطوط الطرد والمواسير الصاعدة

وكان الهدف من إنشاءها رفع  المياه من المحطات لأحواض المعالجة، حيث تم تنفيذ عدة خطوط ضخمة من كفر فاروق والأميرية للجبل الأصفر، منها:

*خط الطرد الأول 36 ً يبدأ من كفر فاروق (عين شمس حاليا) إلى أحواض التنقية بالجبل الأصفر طوله 11,563كم، بيصرف 55 ألف م³/يوم.

* خط الطرد الثانى 46 ًمن محطة الأميرية للجبل الأصفر بطول 19,389 كم، بتكلفة تجاوزت 255 ألف جنيه وقتها.

* خط بقطر 60 من الصلب بين الأميرية وكفر فاروق

وكانت كل محطة من هذة المحطات  بمثابة خط دفاع حيوي ضد التلوث والغرق، ونمودج ناجح من نماذج التخطيط طويل المدى الذي أنقذ القاهرة على مدار قرن كامل.