وسط أجواء من القلق الشديد، يعيش السودان لحظات حرجة غير مسبوقة، مع ارتفاع قياسي لمناسيب النيل الأزرق، الأمر الذي دفع وزارة الري السودانية لإطلاق “الإنذار الأحمر” على طول الشريط النيلي تحسباً لفيضانات محتملة قد تجرف المنازل، والأراضي الزراعية، وتهدد حياة آلاف الأسر.
ومع كل ساعة تمر، يزداد الضغط على السدود، والطرق، والمناطق المأهولة، بينما يسابق السكان على ضفتي النهر، الزمن لنقل مواشيهم ومحاصيلهم إلى مناطق مرتفعة، في مشهد يعكس حجم التحديات المائية التي يفرضها فيضان النيل على السودان. فيما يحذر خبراء الموارد المائية من أن استمرار تصريف سد النهضة الإثيوبي فوق المعدل الطبيعي قد يضاعف حجم الكارثة.
ووفقا لتصريحات لموقع العربية نت، فإن في الخرطوم ومدن شمال وجنوب السودان والقريبة من النيلين الأزرق والأبيض، بدأت المشاهد تتكرر من سنوات سابقة، حيث يقوم المواطنون بحمل ما يمكن حمله من مواشٍ ومحاصيل إلى مناطق آمنة، خشية تكرار الفيضانات التي غمرت الأراضي وحطمت المنازل العام الماضي.
يقول أحد المزارعين، “لقد فقدت حقلي العام الماضي بالكامل، وأخشى أن تتكرر الكارثة هذا العام”.
ويتنقل السكان بين البيوت والمزارع، في محاولة للحفاظ على ما يمكن إنقاذه قبل أن تبتلع المياه المزيد من الأراضي والممتلكات.
تشير البيانات الرسمية إلى أن إيراد النيل الأزرق تجاوز 730 مليون متر مكعب يومياً لليوم الرابع على التوالي، بينما بلغ تصريف سد الروصيرص 670 مليون متر مكعب، وسد سنار 600 مليون متر مكعب، وسد مروي 700 مليون متر مكعب يومياً. هذه الأرقام تمثل زيادة تقارب 300 مليون متر مكعب يومياً عن المعدل الطبيعي، ما يرفع مناسيب النيل بشكل خطير ويضاعف احتمالات حدوث فيضانات مدمرة.
وفي تطور يزيد المخاوف، أكد الدكتور عثمان التوم، وزير الري الأسبق لأن السلطات الإثيوبية قامت برفع منسوب بحيرة سد النهضة فوق الحد الأقصى المعتاد لأغراض احتفالية، ما تسبب في زيادة تدفق المياه إلى نحو 730 مليون متر مكعب يومياً خلال الأيام الأربعة الماضية. وأضاف التوم أن هذه الزيادة غير المسبوقة تتزامن مع قرب نهاية موسم الفيضان في سبتمبر، ما يجعل السيطرة على مناسيب النيل أكثر تعقيداً ويضع السودان أمام تهديد كارثي محتمل.
وحذر التوم من أن الوضع يتطلب تنسيقاً فورياً مع السلطات الإثيوبية لضبط تصريف سد النهضة ضمن الحدود الطبيعية لمعدلات الوارد اليومية. وأوضح أن هذا التنسيق سيسمح بانخفاض تصريف سدود الروصيرص وسنار خلال يومين، مع توقع تراجع مناسيب النيل شمال الخرطوم بعد نحو خمسة أيام.
وأكد أن التعاون بين البلدين يعد خطوة حاسمة لتفادي أضرار الفيضانات، خصوصاً مع استمرار وصول كميات مياه غير مسبوقة من المصدر الرئيسي للنيل الأزرق.
وأوضحت الإدارة العامة لشؤون مياه النيل بوزارة الري السودانية، أن ارتفاع المناسيب مستمر اليوم (الأحد) وغداً (الاثنين) في المحطات الرئيسية، ومنها الخرطوم، وشندي، وعطبرة، وبربر، وجبل أولياء، مع كون الولايات الأكثر تأثراً تشمل الخرطوم، ونهر النيل، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، وسنار.