أستاذ المياه بكلية العلوم بجامعة قناة السويس:
السد العالي خط الدفاع الأول
مصر لديها بدائل للتعامل مع الزيادات المائية
الأرز والمحاصيل المائية.. هل يعود موسم الرفاهية الزراعية؟
الفيضان سلاح ذا حدين.. تهديد في حال غياب الإدارة وفرصة في حال استغلاله
إنذار الخطر يبدأ عند 182 مترًا
القانون الدولي وسد النهضة.. نصوص ملزمة بلا آلية تنفيذ
التعويضات والعقوبات.. ورقة ضغط سياسية أكثر منها قانونية
ـ الدلتا وفرعا رشيد ودمياط في دائرة الخطر
إدارة ذكية للفيضان.. من مفيض توشكى إلى غسل المجاري المائية
ضعف البنية في السودان يعطل التنسيق لمواجهة الفيضانات
الدلتا وفرعا رشيد ودمياط في دائرة الخطر
الأراضي المنخفضة والفيوم.. أبرز المناطق الهشة أمام المياه
كتب _ أحمد الفيومي:
بعد غرق بعض أراضي طرح النهر في المنوفية، انتابت حالة من القلق بعض المواطنين في مصر، وأصبح السؤال الذي يدور في الشارع المصري.. هل ستغرق البلاد؟ هل يمكن أن يتحول الفيضان إلى كارثة؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟ وكيف تستعد الدولة لمواجهة أي طارئ؟
يأتي ذلك مع ارتفاع منسوب مياه النيل واحتمالية تعرض بعض المناطق المنخفضة للغرق، وبين مطمئن يرى أن السد العالي خط دفاع قوي، ومتحفظ يحذر من تهديدات سد النهضة الإثيوبي..
وفي هذا الحوار، يجيب كمال عودة، أستاذ المياه في كلية العلوم بجامعة قناة السويس، عن هذه التساؤلات، كاشفًا الحقائق العلمية حول منسوب المياه، ودور السد العالي، والموقف القانوني من إثيوبيا، والإجراءات الداخلية التي يمكن أن تحول الفيضان من تهديد إلى فرصة لتنمية الموارد المائية.
بداية.. هل يمكن أن تغمر مياه الفيضان بعض المناطق في مصر؟
لن يكون الغمر واسع النطاق، لكنه قد يهدد بعض الأراضي المنخفضة المحيطة بفرعي رشيد ودمياط، وكذلك بعض المناطق المنخفضة في شرق الدلتا وغربها.
متى يصبح منسوب المياه في السد العالي مؤشراً للخطر؟
عند وصول منسوب بحيرة ناصر إلى 182 مترًا يبدأ نظام الإنذار المبكر في العمل، وقد يتم فتح بعض البوابات،أما إذا وصل إلى 184 – 185 مترًا، فالموقف يصبح صعبًا جدًا ويستلزم إجراءات عاجلة.
هل نحن الآن أمام أمر واقع بسبب السد الإثيوبي؟
إلى حد كبير نعم، لكن مصر ما زالت تمتلك بدائل وإجراءات للتعامل، مثل تشغيل مفيض توشكى، وفتح بوابات السد العالي عند الحاجة، إضافة إلى الاستفادة من المياه الزائدة في غسل المجاري المائية والبحيرات وتحسين نوعية المياه.
كيف يمكن الاستفادة من مياه الفيضان بدلًا من اعتبارها تهديدًا؟
بالفعل يمكن تحويل الأزمة إلى فرصة، عبر غسل فرعي رشيد ودمياط اللذين يعانيان من نسب تلوث مرتفعة، وتغذية البحيرات الشمالية مثل المنزلة والبرلس، فضلًا عن دعم بعض الترع والمصارف.
هل يمكن أن تعود بعض الزراعات التي تقلصت بسبب نقص المياه مثل الأرز؟
لا بد من إدارة المحاصيل بمرونة وفق التوقعات السنوية، قد نزرع الأرز في عام معين بمساحات أكبر، ونقلصه في عام آخر، الفيضان قد يوفر فرصة، لكن لا ينبغي أن نستهلك المخزون الاستراتيجي في بحيرة ناصر بلا حساب.
ماذا عن التنسيق مع السودان في مواجهة الفيضانات؟
الوضع في السودان صعب نتيجة ضعف البنية التحتية والإدارة، مما يقلل من فعالية التنسيق،ومع ذلك، تبقى المتابعة المشتركة ضرورية.
ما هي أكثر المناطق هشاشة أمام سيناريو الأسوأ؟
المناطق المنخفضة حول فرعي رشيد ودمياط، وبعض أراضي الطرح النهري، بالإضافة إلى مناطق منخفضة مثل الفيوم،لذلك تتابع وزارة الري هذه المواقع بدقة وتصدر تحذيرات مبكرة للسكان.
هل يحق لمصر والسودان المطالبة بتعويضات أو فرض عقوبات على إثيوبيا حال وقوع ضرر؟
القانون الدولي يقر ذلك، وهناك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 التي تنص على عدم إحداث ضرر جسيم لدول المصب، لكن الواقع يقول إن تنفيذ القوانين مرهون بالضغوط السياسية والاقتصادية، إذ لا توجد آلية دولية ملزمة لإجبار إثيوبيا.
ما أشكال هذه التعويضات أو العقوبات المحتملة؟
يمكن أن تكون اقتصادية أو دبلوماسية، مثل قطع العلاقات أو فرض عزلة دولية، لكن الأمر يتوقف على موازين القوى والضغوط الدولية، وليس على النصوص القانونية فقط.
وأخيرًا.. ما الرسالة التي تود توجيهها؟
لابد من مواصلة التفاوض مع إثيوبيا بشأن تشغيل السد بشكل منظم، وفي الوقت نفسه تعزيز الإجراءات الداخلية السريعة مثل إدارة التصريف وفتح البوابات في الأوقات المناسبة.
الأزمات المائية لا تُواجه بالانفعال، بل بالتخطيط المرن والاستفادة من خبرات وزارة الري العريقة، ويبقى الفيضان سلاح ذا حدين؛ تهديد في حال غياب الإدارة، وفرصة في حال استغلاله لتحسين الموارد المائية، وبين القانون الدولي والسياسة، تظل مصر مطالبة بالتحرك على المستويين الداخلي والخارجي للحفاظ على أمنها المائي.